علامة صح أخيرة كطوق نجاة
على رسالة إيداع مكافأة التفوق.
في الحقيقة، لا أحتاج إلى هذه المكافأة
لأشعر بإنجازي، وإنما جُل ما أحتاجه
وضعي لعلامة الصح عند هدفي المكتوب
في دفتري في أول صفحة.
في بداية كل سنة هجرية، اشتري دفترًا
جديدًا، أُسجّل فيه أهدافي لهذه السنة،
أمنياتي، أفكاري وذكرياتي. وهذه هي المرة
الأولى لي بعد فضلٍ من الله بتحقيق
جميع الأهداف المكتوبة، يتبقى صح
واحد أخير، عند هدف شراء الجيتار، والذي
لم يتسنى لي الوقت ولا المال لشراءه،
لكن يوجد متسع من الوقت لتحقيقه
قبل نهاية هذه السنة الهجرية.
أتشوق لنهايات وبدايات السنة الهجرية،
فيها تتم الحسابات اللذيذة، والأوقات
الهادئة، وغالبًا ما أحس بخصوصية وقتي
في نهاية أيامها بسبب عدم اهتمام الناس
بها، وهذا ما يزيدني ولعًا فيها.
بسبب خوفي المريع والمتفاقم من
عشرينياتي، ومن مستقبلي فيها، قررت
القيام بكتابة خطة، واسميتها -الخطة العشارية-
والتي كانت واجبًا لأحدى موادي الدراسية،
والتي أيضًا انقلبت بغير قصد إلى هدفي
الأسمى، وأسلوب حياتي المستمر لأيامي.
لا أستطيع بالطبع مشاركتكم فيها، لكنني
قمت بكتابة عشرة مهارات أو أهداف أريد
تحقيقها في كل سنة من سنوات عشرينياتي.
بدون ترتيب، وإنما مجموعة أهداف، اختار
لها السنة المناسبة وأحققها على حسب
مزاجي وظروفي. والذي لم يكن بالحسبان
فقد انهيت الهدف الأول، سنتي الواحدة
والعشرين، بهدفها الأول تمت، وها أنا ذا
في آخر أشهر سنتي الواحدة والعشرين
استعد لهدفي الثاني والثالث لسنتي الثانية
والثالثة والعشرين.
خوفي من تسرب أهم سنوات شبابي من
بين أصابعي أرغمني على استغلالها، ولو
بالمحاولات، لا أقصد المثالية، وإنما
الاستمرارية بالمحاولات. بالطبع يمهني
أن أتقن مهارتي وأحقق هدفي السنوي،
لكنني مع ذلك لا أجلد نفسي على عدم
تحقيقها بالشكل المثالي. المحاولة هي
الأهم، هي ما تعطيني الخبرة، وما تعطيني
هويتي. أهدافي التي أضعها في بداية
كل سنة هي أهم من أهدافي العشارية،
ولا أنفك بتذكير نفسي بذلك، فلا أريد أن
أقع ضحية الندم، أو التشتت.
كنت منذ قليل استمع لحوار عن دور
المكافآت بتعزيز جودة المسير والتنفيذ،
وأنها أسلوب مساعد لتحقيق الأهداف.
ومن أنواع المكافآت المذكورة، سماع أغنية
أو الرقص في أوقات مستقطعة من
المحاضرة، حلقة من مسلسل أثناء
وقت استراحة من المذاكرة، أو حتى
مكالمة أو محادثة أثناء أحد المهمات.
ومن تجربتي في موضوع المكافآت
وتحقيق الأهداف، فوجدت بأنني عندما
استمع لأغنية أو أشاهد مقطع بين فترات
مذاكرتي فهذا يشتتني تمامًا، ويعطيني
وقتًا أطول لاستعادة نفسي وانتباهي
مرة أخرى للمذاكرة. وحتى عندما أقرر
بوضع المقطع كمكافئة بعد انتهائي
من مذاكرتي أجدني أقفز السطور وأسرع
في القراءة لمجرد الانتهاء لا لغير ذلك.
ووصلت بعد سنوات من المحاولات،
منذ المرحلة الثانوية، بأن التمارين الرياضية،
وأقصد بها بعض التمارين التي تؤدى
بوضع الجلوس، أو المشي في الغرفة
لمدة معينة، أفضل بمراحل من أي مكافأة.
فهي تزيدني نشاطًا، ولا تشتتني.
واخترت أن تكون مكافأتي أن أضع علامة
صح بجانب هدفي المكتوب، وكانت هذه
هي المكافأة الأطيب. وعندما أصل لحائط
الصد عند كتابتي لنص ما، فإن الوضع
يختلف قليلًا، فإنني أغلق الصفحة
وأقوم بنسيانها، استمع لأغنية، أشاهد
فيلمًا، أنام، لا أفكر فيها أبدًا، وأعود لها
بعد مضي يوم، وعندها أجدني قد وجدت
المطرقة لكسر الحائط.
لا أخفي بأنني اشتري شيئًا في نهاية كل
سنة لتحقيقي أهدافي ليذكرني بها.
فقبل سنتين قمت بشراء خاتم من
الذهب، ارتديته لمدة سنة وتناولته
غرفتي بلقمة واحدة ولم أجده بعدها.
والسنة الماضية اشتريت جهاز كيندل.
وفي هذه السنة بإذن الله سأشتري جهاز
نينتيندو سويتش، والذي سيسرق كل
مدخراتي. أتشوق لأخذه معي إلى الجامعة
واستخدامه كوسيلة صداقة. سأعود نفسي
على الخسارة وعلى تخفيف الحس
التنافسي لدي، من سيتعرف على مهووسة
انتصارات؟ سأغرقهم بهوسي بعد تعرفنا
على بعض أكثر.
ها أنا ذا، أضيع في معنى الحياة، في أهدافي
ورؤيتي، لكنها تبتسم لي مجددًا، تساعدني
على فهمها أكثر، تشجعني على ركوب
أمواجها، وأنا لها.
*
صحيح أنني لا أجيد السباحة، لكنني أعرف
سباحين، وأمتلك طوق نجاة، لذلك لا أخشى
أمواجًا بعد الآن.
تعليقات
إرسال تعليق