سكة سفر برفقة عبدالله رشاد
في جعله معتدل الحرارة إلى حار،
نسبة إلى إيماني ببعض الأقوال الصينية،
وأفشل بسبب حرارة الصيف فأشربه باردًا
قريبًا إلى الماء المثلج.
تناديني والدتي، تحدثني بينما تنظر
للأسفل، تتجنب اتصال الأعين، تقول
:"جدتك تعبانة بتروح الرياض، توصلينها
مع أبوك؟" وافقت بالطبع، المرة الثانية،
الطعنة الثانية.
بشكل عاجل ارتديت نعل المنزل، بدون
أن أغير جواربي أو ملابسي، ارتديت عبائتي،
وركبنا السيارة.
تدمع عيوني جدتي من الألم، ويدمع قلبي
معها.
اتفق والدي مع عمي بأن نلتقي في العتش،
منطقة الوصل بين الزلفي والرياض. حزمت
الكندل وسماعتي وشجاعتي في حقيبتي،
أدعو في نفسي طوال الطريق بألا تسوء
حالتها أكثر في ظلمات الطريق، وألا اضطر
إلى إخراج شجاعتي من حقيبتي.
ما أنقذ سكة سفرنا هو تواجد عبدالعزيز
أخي الصغير معنا، بعد رفض والدي
لقدومه؛ خشية من إزعاجه، وافق بعد
إلحاح من عبدالعزيز بأن لن يصدر صوتًا.
وقد كان صادقًا، فلم يصدر أصواتًا وإنما
أسئلة لم تنقطع.
شرحت له نظام الجامعة مرتين، ورددت
على مسامعه تخصصات جامعة المجمعة
ثلاث مرات تقريبًا، وناقشنا حلمه
المستقبلي، وماضينا وحاضرنا ومستقبلنا،
ولم تتوقف الأسئلة مع ذلك. لكنني ممتنة.
حدثني عبدالعزيز:"ياخي ودي أسافر برا
السعودية، أروح الرياض مثلًا" وكان هذا
الحدث الأبرز لليوم.
بعد شرح مطوّل عن الرياض، وكيف هي
داخل السعودية، اقتنع أخيرًا وقرر الذهاب
إلى البحرين مثلًا؟
بعد وصولنا العتش وركوب جدتي مع عمي،
نزلنا إلى المحطة، وهي أحد الأسباب
الرئيسية لقدوم عبدالعزيز، نسيت تمامًا
بأنني أرتدي فستانًا منزليًا أحمرًا مرقطًا
بالأبيض تحت عبائتي، ارتدي معه جوربًا
أبيضًا طويلًا برسمة لغيمة مطيرة، ونعل
منزلية بيج. دخلت بينما الجميع ينظر إلي،
استغربت، إلى أنني استوعبت بعدما نظرت
صوب الأرض...
قضيت بعدها طريق العودة بالكامل استمع
لمقطع منوعات عبدالله رشاد، أغاني أكبر
من عمري ومن عمر أبي، لكنني لم استطع
منع نفسي من الرقص عليها، بعد رحلات
كهذه مع والدي وأغانيه، أعاني بصعوبة
بالغة لمدة يوم كامل بالمحاولة للعودة
إلى أغانيّ التي أسمعها بالعادة، فتأثير
محمد عبده، وعبدالله رشاد، وغيرهم
الكثير يستمر لمدة أيام.
انتهت رحلتنا بعدما تأكدنا عن حال
جدتي مع عمي ووصولنا للبيت.
*حاشية
ترددت كثيرًا بكتابة هذه التدوينة، خوفًا
من أنني أشارك بمعلومات زائدة عن الحاجة
عني وعن عائلتي، لكنني أظن بأن دعوات
صادقة هذه المرة لجدتي قد تكون طريق
شفاءها، لذلك سأكون ممتنة إن أنهيتم
قراءة هذه التدوينة بدعوة صادقة لها
ولجميع مرضى المسلمين.
**حاشية ثانية
السبب الرئيسي لانضمام عبدالعزيز
همسه في أذني قبل خروجنا من البيت
:"أبي أجي معكم عشان أكلمكي، ونتكلم
أنا وياكي مع بعض"
وتمنيت حينها بأن أهديه الأرض وما عليها.
***حاشية ثالثة
عثرت على الفطيرة الفرنسية بعد رحلة
بحث مضنية، تحمل معها ذكريات طفولتي
كاملة، اتشاركها مع جدي عبدالعزيز
رحمه الله في كل عصرية وفي كل
طريق سفر، أكلتها في طريق عودتي
للمنزل بينما تتخمر الفطيرة بدموعي.
أسأل الله أن يشفي جدتك شفاءً لا يغادره سقمًا. وأن يطيل عمرها على طاعته. استمتعت بقراءة اليومية ، وحديث الصغير وأسئلته ، كم هم "غثيثون" وجميلون هؤلاء الصغار.
ردحذفجحظت عيناي عندما ذكرت الفطيرة الفرنسية ، لأني من عشاقها والآن أثناء قراءة مدونتك أمسك بيدي اليسرى هاتفي والأخرى قطعة من الفطيرة الفرنسية "الهاشمي". وهي كما ذكرتِ تجلب معها نوعين من الذكريات.